ما حدث اليوم في ميدان التحرير قرأته في صغري في أحد حكايات ابن الجوزي المعبرة والشيقة
فقد حكي عن شبل صغير ضل عن والديه في أطراف الغابة فالتقطه راعي غنم وضمه إلى القطيع .
فشب الشبل بين الغنم، فتعلم منهم ونشأ على أخلاقهم ،وصار واحداً منهم .
حتى مر يوما ما موكب للأسود بأطراف الغابة فراعهم هذا المشهد العجيب .. أسد يجري خوفا من أحد الكباش ،ويلهو وسط الخراف ويلاعبهم كأنه أحدهم .
فعاتبه الأسود على سلوكه المشين .. اذ كيف بأسد هصور يلهو ويرعى وسط الخراف .. فبهت أسدنا، وراح يدافع عن نفسه بأنه لم يرى نفسه يوماً أسداً وهو ليس سوى خروف صغير وسط قطيع الخراف .
فتقدم منه أسد حكيم وقال له : يا بني لعلك نسيت من أنت لكن صدقني هذه الخراف تعرفك أكثر مما تعرف به نفسك ... فإذا أردت أن تعرف حقيقتك فقف في وسطهم وازأر بأعلى صوتك .
فتقدم الأسد ووقف في وسط القطيع ونظر إلى الخراف من حوله وزأر بأعلى صوته فهز زئيره الجبال وبلغ صداه المدى ، ففرت الخراف رعبا وفزعا منه .
دهش الأسد !! ونظر إلى نفسه من جديد كأنه للمرة الأولى يراها .. حينها أيقن أن عالم القطيع ليس عالمه ...إنه أسد ينتمي لموكب الأسود وليس حملا في قطيع الخراف .
انتهت الحكاية وانتهت معها - بإذن الله - حيرة الأسد الذي عرف حقيقته ونفض عن نفسه غبار حظيرة الخراف